محمّد مهدي الجواهريّ: (1899-1997). شاعر عراقيّ، ولد في النّجف لعائلة انشغلت بالعلم والأدب، درس علوم اللّغة العربيّة، وحفظ الكثير من الشّعر، خصوصًا شعر المتنبّي، عمل في البلاط الملكيّ بعد تتويج فيصل الأوّل ملكًا على العراق، وبعدها انتقل إلى ميدان الصّحافة، ثمّ إلى سلك التّربية والتّعليم، وقد أصدر من الصّحف (الفرات، الانقلاب، والرّأي العامّ). في عام 1947 انتخِبَ نائبًا في مجلس النّوّاب العراقيّ. غادر العراق متوجّهًا إلى سوريا، نظرًا إلى الظّروف السّياسيّة هناك. دواوينه: حلبة الأدب، بين الشّعور والعاطفة، الجواهريّ.
سرّ قيّعة الشّاعر: دأب الجواهريّ اعتمار قبّعة أثارت جدل الكثيرين، إلى أن كشفت ابنته خيال سرّ هٰذه القبّعة قائلة: " أصيب والدي بنزلة برد حين شارك في مؤتمر ادبيّ- في الاتّحاد السّوفييتيّ سابقًا- وعندها نصحه الأطبّاء بوضع غطاء على رأسه، فلفتت انتباهه قبّعة مخمليّة عُرِضَت في حانوت المستشفى، فارتداها، ومنذ ذٰلك الحين لازمته حتّى وفاته". وتجدر الإشارة إلى أنّه لم يخلعها حتّى في أثناء نومه.
عنوان القصيدة -أبو العلاء: إنّ هٰذا العنوان مبتور اعتمادًا على قواعد النّحو، ووافٍ من حيث البلاغةـ، إذ إنّ كلمة "أبو" من الأسماء الخمسة، مرفوعة بالواو، وبعدها مضاف إليه (العلاء). وكلّ مبتدأ بحاجة إلى خبره.فإنّ دلّ هٰذا على شيء، فيدلّ على رفعة أبي العلاء اسمًا ومكانة، فالعلاء هو الرّفعة أيضًا، أمّا بلاغيًّا فقد استعمل الشّاعر الكنية " أبو العلاء"، وهي كافية ووافية لتشير إلى الأديب الشّاعر الفيلسوف " أبي العلاء المعرّيّ" الملقّب برهين المحبسين، إذ إنّ كلّ مَنْ يسمع كُنية "أبو العلاء"ـ، يعرف أنّ المقصود هو أبو العلاء المعريّ. أبو العلاء المعريّ: (973-1057) م.هو أحمد بن عبد الله بن سليمان بن محمّد القضاعيّ التّنّوخيّ، ولد في معرّة النّعمان، وهي مدينة سوريّة جنوب إدلب. نشأ أبو العلاء في بيت علم، وقد أُصيب في طفولته بداء الجدري، الأمر الّذي أفقده حاسّة البصر، ولكٰن رّغم عاهته استطاع تعلّم اللّغة العربيّة ونحوها. ويُقال: إنّه قد قال الشّعر عندما كان في الحادية عشرة من عمره.عاش حياته متقشّفًا زاهدًا، ولم يأكل اللّحم مدّة خمسًا وأربعين سنة، لبس الثّياب الخشنة لُقِّب برهين المحبسين، والمقصود بهما: محبس العمى ومحبس البيت، إذ إنّه قد لزم بيته ولم يخرج منه.نتاج أبي العلاء الادبيّ:لأبي العلاء مؤلّفات أدبيّة كثيرة، وأشهرها: ديوان سقط الزّند، وديوان اللّزوميّات، ورسالة الغفران. مناسبة القصيدة:تحدّث الجواهريّ في كتابه (ذكرياتي) عن ولادة قصيدته (قف بالمعرة) قائلاً: "إنّه كان مسافراً إلى الشّام مع ناظم الزّهاويّ وحسن الطّالبانيّ، فأُنزل في نقطة التّفتيش، وبطريق الصّدفة علِمَ أنّه ضمن الوفد العراقيّ الذّاهب إلى حضور ألفيّة أبي العلاء، إذ أُخبر بذٰلك صدفة قبل أسبوع من موعد المهرجان، ولذا فلم يكن لديه الوقت الكافي لإتمام نظم القصيدة كما أراد، فقد كتب قصيدة تضمّنت سبعين بيتًا، لٰكنّه مزقها ورماها، لأنّه لم يجد فيها أبا العلاء المعرّيّ، فاصطحبه صديقه عمر أبو ريشة معه إلى زحلة لبنان، وهناك حضّر المطلع فقط, إلّا أنّ القصيدة اكتملت ليلة المهرجان.تجدر الإشارة إلى أنّ استهلال الشّاعر للقصيدة بالفعل قف موجّهًا الطّلب إلى طه حسين الأديب المصريّ الّذي حضر هذه المناسبة أيضًا. ولا بدّ من الإشارة هنا أيضًا أنّ طه حسين ، أصيب بالعمى في صغره بالضّبط مثلما حصل مع أبي العلاء.ألفيّة أبي العلاء: المهرجان الألفيّ لأبي العلاء المعرّيّ هو مهرجانٌ نظّمه المجمع العلميّ العربيّ في دمشق عام 1363 هـ الموافق 1944 م، احتفالًا بمرور ألف عامٍ على ميلاد أبي العلاء المعرّيّ، الّذي وُلد في معرَّة النُّعمان عام 363 هـ الموافق 973 م. يذكر جميل صليبا بأنَّ هٰذا الاجتماع كان «أعظم سوق أدبيّة شهدتها دمشق في تاريخها». إذ خصّصت الحكومة السّوريّة مبلغ 40,000 ليرة سوريّة لهذا المهرجان،للاستزادة حول هذا المهرجان العريق:https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%87%D8%B1%D8%AC%D8%A7%D9%86_%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%84%D9%81%D9%8A_%D9%84%D8%A3%D8%A8%D9%8A_%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%84%D8%A7%D8%A1_%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B9%D8%B1%D9%8Aالقسم الاوّل: البيت الأوّل والثّاني: الحثّ على استشعار شخصيّة أبي العلاء واستحضارها.البيت الأوّل:قف بالمعرّة وامسح خدّها التّرِبا واستوح مَنْ طَوَّقَ الدّنيا بما وهبا
المفردات: قف بالمعرّة: زرها وأنعم النّظر إلى آثارها\ التّرب: ما يغطّيه التّراب\ استوحِ: استشعر- اطلب بواسطة الفكر\ طوّق: شمَل\ وهب: أعطى دون مقابل. يستهلّ الشّاعر قصيدته بأسلوب الطّلب، متوجّهًا إلى كلّ فرد قد زار المعرّة، طالبًا منه أن يقف فيها محاولًا استرجاع تاريخها ومجدها الثّقافيّ عامّة وإعادة قراءة تراث ذٰلك المبدع وتأمّل مضامينه الفلسفيّة الفكريّة، فالجواهريّ هنا يخاطب المثقّفين لاستشراف الحاضر واسترجاع بعض القيم الفكريّة والحضاريّة الرّائعة.[1] عن طريق إزالة التّراب عن الخدّ، فالشّاعر هنا يشخّص المعرّة على أنّها فتاة، يملأ التّراب خدّهاـ، إذ إنّ مسح التّراب يبيّن جمال وجهها، وهٰذا الأمر ينطبق على المعرّة- مسقط رأس أبي العلاء. فأبو العلاء رجل ذو فضائل لا تُعدّ ولا تحصى، فهو عقد ثمين يطوّق رقبة العالم، إذ إنّه أشهر من نار على علم. وعند مسح تراب المعرّة نرى تاريخها العميق منذ الألف سنة. المحسّنات البديعيّة والأساليب اللّغويّة: