إميل حبيبي: 1921-1996. هو أديب وصحفيّ سياسيّ فلسطينيّ، عاش في حيفا قمّ انتقل إلى النّاصرة، وبقي فيها حتّى وفاته. دخل مجال العمل السّياسيّ في الحزب الشّيوعيّ الفلسطينيّ، كان من مؤسّسي عصبة التّحرّر الوطنيّ في فلسطين. بعد قيام دولة إسرائيل أصبح أحد ممثّلي الحزب في الكنيست، وذلك حتّى عام 1972، ثمّ استقال من منصبه البرلمانيّ ليتفرّغ إلى العمل الصّحافيّ، فعمل مذيعًا في إذاعة القدس، وعمل محرّرًا في أسبوعيّة مهماز، وترأس تحرير صحيفة الاتّحاد ببين 1972-1989. من أعماله: سداسيّة الأيّام السّتّة، الوقائع الغريبة في اختفاء سعيد أبي النّحس المتشائل، لكع بن لكع وغيرها... تُرجمت أعماله إلى لغات عدّة، ومن أبرزها المتشائل، إذ لاقت رواجًا في العالم العربيّ والوسط اليهوديّ كذلك. حصل على وسام القدس عام 1990، حصل على جائزة إسرائيل في الأدب عام 1992. في عامه الأخير انشغل بإصدار مجلّة أدبيّة بعنوان المشارف، تجدر الإشارة إلى أنّه أوصى أن تُكتب على قبره عبارة: "باقٍ في حيفا"
بوّابة مندلباوم :
هي حاجز سابق إسرائيليّ أردنيّ عقب النّكبة، واستمرّت بين الأعوام 1949- 1952، وقد أصبحت رمزًا لتقسيم المدينة، إذ قسمت القدس إلى قسمين: القدس الشّرقيّة (الجانب الأردني)، والقدس الغربيّة (الجانب الإسرائيليّ)، وذلك حتّى 1967. شغلت هذه البّوابة محطّة عبور لكلّ من الدّبلوماسيّين وموظّفي الأمم المتّحدة، ورجال الدّين المسيحيّين للقيام بزيارة أقربائهم والحجّ إلى بيت لحم في مناسباتهم الاحتفاليّة. بعد احتلال إسرائيل للقدس الشّرقيّة عام 1967 أُزيلت البوّابة، تجدر الإشارة إلى أنّ هذه البوّابة حظيت بمكانة مرموقة في الأدب الفلسطينيّ، وقد ذُكِرَت فب أعمال أدبيّة عدّة.
عنوان النّصّ: بوّابة مندلباوم:
تحليل النّصّ:بل قُل يا سيّدي... وأشرتُ على الجهة الأردنيّة من البوّابة. إن افتتاحيّة النّصّ تُعدّ إحدى البدايات المشوّقة ذات الدّلالات والأبعاد العميقة، بدءًا من استعمال الحرف "بل" الّذي يفيد الأضراب والسّكوت عمّا ورد قبل ذلك، ومن هنا يشعر القارئ بحالة من قلب الموازين، فما قبل الحرف بل محذوف، وفي هذه النّقطة بالذّات وفي بداية النّصّ يشعر القارئ إلى أنّ تغييرًا ما من الممكن أن يحدث، ليتتوّج بعدها فعل الأمر "قل" يا سيّدي، ومن خلال هذا التّعبير يشعر القارئ بالطّبقيّة الموجودة، فإذا وقع الأمر من المُخاطِب لِمَنْ هو أعلى منه شأنًا ومنزلة، فيحمل في مدلوله التّرجّي، وهنا نلاحظ أنّ الفريق الأوّل الّذي يتمثّل بالوالدة يرجو عبور البوّابة إلى الجهة الأخرى، لتأتي فيما بعد لفظة يا سيّدي، فالنّداء هنا يهدف إلى لفت الانتباه لطلب العبور، ولكن ما يشدّ القارئ أنّ هذا المسؤول يقف غير مهتمّ مكتوف اليدين، وكأنّه لا يعير للموقف أي انتباه. أمّا كلمة سيّدي، فهي كلمة غنيّة عن التّعريف في مدلول الطّبقيّة. واللّافت للنّظر كذلك تَكرار الفعل تنوي مرّتين، بداية النّيّة النّابعة من القلب في التّوجّه إلى الجانب الأردنيّ، إذ على ما يبدو أنّ هنالك سبب شعوريّ للدّخول إلى الجهة الأردنيّة، أمّا على المنحى الأعمق، فاستعمال الفعل المضارع يفيد الاستمرار، وهنا تتبادر فكرة وجوب أن تبقى هذه البوّابة حلقة وصل بين الدّاخلين والخارجين على حدّ سواء كما كانت في الماضي. ولكنّ الدّخول والخروج اليوم أصبح مشروطًا ومنوطًا بذلك السّيّد الواقف هناك، فهو شرطيّ وله القرار. وهذا خير دليل على التّغييرات الّتي حدثت، ويرتبط هذا التّغيير بدور وفعاليّة الحرف "بل" في بداية النّصّ. وإذا وقفنا على التّغييرات الّتي حصلت، فنجدها كثيرة، ومنها: أوّلًا: البوّابة الّتي كانت من قبل نقطة عبور للذّاهبين والعائدين كما يحلو لهم، واليوم أصبح العبور فيها مشروطًا. ثانيًا: وقوف شرطيّ يأذن بذلك، إذ إن هذا الشيء لم يكن معهودًا. ثالثًا: وجوب الحصول على إذن من الشّرطيّ من أجل الانتقال من جهة إلى جهة، الأمر الّذي لم يكن معهودًا أيضًا من ذي قبل. لا بدّ من الإشارة كذلك إلى استعمال الفعل "صاح" الّذي يحمل بين طيّاته سلبيّة واستعلاء، فالجانب القويّ الّذي يمثّله الشّرطيّ يصيح على الجانب الضّعيف المتمثّل بالرّاوي ووالدته. وفي قراءة أخرى لا بدّ من الوقوف على استعمال هنا وهناك، وكأنّ بعدًا معيّنًا بين المكانين، بالرّغم من كونهما متلاصقين وبكلمات أخرى، الحديث يدور عن المكان نفسه. وهنا لا بدّ من ضرورة ربط هاتين الكلمتين مع دلالة المكان داخل القصّة، فالمكان قد أصبح مكانين بعد التّغييرات الّتي حصلت. إذ سأقف على ذلك في التّحليل. كُنّا في آخر الشّتاء... كلّ باب يتّسع لمرور سيّارة خارجة أو داخلة. إنّ هذه الفقرة لَهِيَ خير دليل على التّغييرات الحاصلة قلبًا وقَالبًا، تغييرات في المنحى الظّاهريّ وأخرى في المنحى الدّاخليّ الباطنيّ. إذ بدأ التّغيير في الزّمان المُعلَن عنه آخر الشّتاء والشّمس تطلّ على الرّبيع، وكما هو معروف لكلّ فصل من الاثنين سمات خاصّة، فالشّتاء والبرد مناقض لدفء الرّبيع، وهنا يأتي السّؤال التّالي: هل ستتقدّم مجريات أحداث القصّة نحو تغيير ما أم لا؟هل ستستطيع الوالدة عبور البوّابة؟ ظاهريًا إنّ التّغييرات الحاصلة لا توحي بذلك، فها هو الرّاوي وجدّته يقفان أمام منظر جديد متناقض مؤلّف من حطام، تراب وخضرة. وهنا لا بدّ من الوقوف على دلالات هذه الكلمات وأبعادها: الدّمار نذير السّلبيّة التّراب يمثّل الأرض والوطن الخضرة تمثّل الاستمرار والتّجدّد اللّافت للنّظر وجود تراب الوطن بين نقيضين دمار واستمرار، فماذا ستكون النّتيجة؟ أمّا النّقيض الثّاني، فيكمن في وجود أولاد ذوي ضفائر وسوالف طويلة، هذا الأمر لم يكن معهودًا من ذي قبل، والأغرب من ذلك أنّهم أولاد ذوي شعر طويل، فالشّعر الطّويل للإناث وليس للذّكور. إذ إنّ السّؤال الإنكاريّ " صبيان وذوو ضفائر كيف يكون ذلك" يفيد الاستغراب من التّغيير الحاصل. إنّ رؤية الأطفال الّذين جاؤوا ليودّعوا جدّتهم لأولئك الأطفال ذوي السّوالف كانت محمّلة باستغراب وتعجّب كبيريْن. وهنا ينتقل الاستغراب ليستحوذ فكر القارئ وذلك من وجود ساحة واسعة لها بابان واحد هنا وآخر هناك. وهنا لا بدّ من الوقوف على المكان الآخذ بالضّيق شيئًا فشيئًا، فقد كًنّا أمام ساحة رحبة لنصل إلى بابين في حيّ المصرارة وهو أحد أحياء القدس، إذ إنّ هذين البابين يسمحان بمرور سيّارة داخلة أو خارجة. وهذا هو غرض الباب والبوّابة الدّخول مقابل الخروج، وهنا يُطرَح السّؤال لمَ دخول الوالدة بحاجة إلى تصريح، ويعود حضور تقسيم المكان مرّة أخرى في قوله هنا وهناك. وأطلق الشّرطيّ... لا يعود أبدًا. تبدأ أحداث النّصّ بالتّصاعد تدريجيًّا، فها هي كلمة الشّرطي تخرج ليقدّم الخروج على الدّخول، ففي الحالة الطّبيعيّة يدخل الإنسان ثمّ يخرج، أمّا هنا فالعكس واضح، إذ قال الخروج لا الدّخول، فتقديم الخروج يفي الغرض ويتّصل مباشرة مع أقوال العسكريّ من يخرج من هنا لا يعود أبدًا". فالخروج ذو اتّجاه واحد إذ ولا يمكن العودة فيما بعد، إنّ تقديم الخروج يحمل بين دلالته وجود تغيير، إذ إنّ الخارج سيصادف أمورًا جديدة، وبما أنّه لا عودة بعد هذا الخروج، فيمكن القول: إنّ الكاتب يهيئ نفسيّة الخارج إلى أنّ كلّ ما اعتدت عليه سيمحوه الوقت لتصادف أمورًا جديدة، فكأنّ في ذلك إشارة إلى أنّ الماضي وعاداته وتقاليده ذاهبة في صدد تغيير جذريّ، وهذا ما سيكتشفه القارئ مع أحداث القصّة. كما وتجدر الإشارة إلى أهميّة الوقوف على حرف العطف لا ومعناه الّي يفيد إثبات ما قبله ونفي ما بعده، وكأنّ الكاتب يقول الخروج متاح أمّا العودة فلا، وما يؤكّد ذلك هو وجود أداة النّفي لا إضافة إلى وجود الظّرف أبدًا الّذي يفيد في هذا السّياق النّفي في (المستقبل). إذ إنّ العودة لن تكون متاحة. وأحسبُ أنّ مثل هذه الأفكار... "عشرين سنة عشت هنا، فكم من مرّة طلعتُ هذا الطّريق ونزلته"! يدخلنا الرّاوي في هذه الفقرة إلى شخصيّة الوالدة باطنيًّا ليأخذنا إلى عالم أفكارها، ففي أثناء توديعها العائلة ودّعت الأرض كذلك والبيت على حدّ سواء، وهنا لا بدّ من الوقوف على مدلولات الكلمات في هذه الفقرة، إذ إنّ قولها لقد عِشتُ حتّى رأيت المعزّين بي بأمّ عيني يحمل بين طيّاتة دلالات عدة: في المنحى الأوّل تشير هذه الجملة إلى كون الوالدة كبيرة في السّنّ، أمّا في المستوى الثّاني، فمدلول العزاء يأتي بعد الفقدان، فهل المقصود أنّ الخروج هو معادل موضوعيّ لفقدان الأرض وموت القضيّة لدى قسم من الفلسطينيّين؟ تجدر الإشارة كذلك إلى الوقوف على وجود الكلمتين عشية وصباح، إذ تكرّرت كلمة عشيّة مرّتين، وفي المقابل وردت كلمة الصّباح مرّة واحدة، فالمساء هو وقت الذّكريات والصّباح هو وقت التّجدّد وهنا ربط واضح بين الماضي المليء بالذّكريات والحاضر الّذي سيحمل بين طيّاته كلّ جديد ماحيًا كلّ ما مضى، والمقصود هنا باستعماله لكلمة "ماحيًا" هو أنّ الوالدة لن تعود إلى بيتها، والصّباح أتى ليمحو وجودها داخل البيت، ولكنّه لن يقدر على محو ذكرياتها. أمّا في زاوية التّطرّق إلى شجر الزّيتون، فلشجرة الزّيتون دلالة عريقة في الأدب الفلسطيني، ولكن ما يلفت الانتباه أكثر هو دلالة المشمش، هذه الفاكهة ذات الحياة القصيرة الّتي لا تتعدّى بضع أسابيع، فهل من المعقول أنها جفّت بالرّغم من قصر مدّة حياتها، ومن هنا تجدر الإشارة إلى أنّ كلمة الجفاف في مستواها الثّاني تعني: أيمكن للتّغييرات الحاصلة أن تقلب الموازين في مدّة قصيرة، ليجفّ الماضي ويبدأ حاضر جديد لا علاقة له بما مضى. وهنا يأتي حضور عتبة الدّار وهي الخطوة الأولى في الدّخول، ولكن لنذكّر أنّ الفقرة السّابقة تحدّثت عن الخروج ودحضت كلّ دخول، فعتبة الدّار أيضًا باتت في الذّاكرة ليس إلّا. وإذا ربطنا ذلك مع الفعل لوّحت، فبنصبّ هذا الفعل في الحيّز الدّلاليّ للوداع، فها هي تلتفت ملوّحة للماضي جاهلة للحاضر الآتي. فهل هذا الوداع ينصبّ في توديع القضيّة وهجرتها؟ لتأتي المفاجأة الأكبر في قولها" عشرين سنة عشت هنا، فكم من مرّة طلعت هذا الزّقاق ونزلته! تجدر الإشارة هنا إلى استعمال كم الخبريّة التّكثيريّة الّتي تبتعد بعدًا كليًّا عن الاستفهام، فالغرض منها هنا أتى ليؤكّد على أنّ ذكريات المكان ستبقى محفورة في رأسها. ولمّا مرّت بنا السّيّارة... فهل ستتحقّق نبوءته في آخر الأمر؟ إنّ هذه الفقرة في مدلولها الأوّل تصوّر الطّريق الّتي مرّت بها الوالدة وبشريط الذّكريات الّذي تبادر إلى مخيّلتها. ولكنّ مدلولها أعمق من هذا الشّريط التّصويريّ بكثير، فبداية ذكر الموت والمقابر لا يقتصر على المدلول الأوّل، إنّما القصد هنا هو القضيّة، وما يؤكّد ذلك هو قصّة العرّاف الّذي تنبّأ بوفاة حفيدتها في القدس، والفكرة المطروحة هنا، الحفيدة هي جيل المستقبل، ومّنْ خرجَ لن يعود، ولكنّ العرّاف يتحدّث عن عودة ويتنبّأ بها، هذا الأمر كفيل بأن يزيد من عنصر التّشويق لدى القارئ حول نهاية النّصّ. هل من عودة أم لا؟ لقد بلغتِ الخامسة والسّبعين... وتركوها وحدها. إنّ هذه الفقرة تحمل بين طيّاتها أبعادًا كثيفة غنيّة، ضمن مستويات شتّى، فأوّل ما يلفت انتباه القارئ هو الحيّز الشّعوريّ العاطفيّ، إذ إنّ تلك العجوز تقف عاجزة أمام عاطفتها تجاه "الوطن"، فها هي تشعر بفراغ وانقباض. أمّا في المستوى الثّاني فيشدّ الكاتب انتباه القارئ بكلمة "الوطن"، إذ وضعها بين مزدوجين، ليرى القارئ بعد ذلك أنّ الوطن بالنّسبة للعجوز يتمحور في البيت، الأواني الصّغيرة مثل إناء الغسيل وجرن الكبّة، تجدر الإشارة إلى العمق الدّلالي في هذه الفقرة حول المزج بين الوطن والبيت، فالبيت هو الوطن، والوطن هو البيت على حدّ سواء، ولكنّ اللّافت للنّظر أكثر هو إرداف كلمة الوطن، البيت، إناء الغسيل، جرن الكبّة، من حيث الحجم، نلاحظ هنا أنّ الحيّز يصغر، فالوطن أكبر حجمًا من البيت والبيت أكبر حجمًا من إناء الغسيل، وإناء الغسيل أكبير حجمًا من جرن الكبّة، وهنا لا بدّ من الإشارة إلى أنّ الوطن بالنّسبة لهذه العجوز هو بأدقّ التّفاصيل وأصغرها، وقد أتى الكاتب هنا بهذه الكلمات عمدًا، إذ إنّ هذه الكلمات كلّها تصبّ في منحى أجزاء من تفاصيل البيت، ليشكّل البيت وطنًا للمرأة. أمّا في المستوى الثّالث يُلاحَظُ أنّ الكاتب لم يقتصر الوطن على المفهوم المادّيّ فقط، إنّما انتقل ليعبّر عنه بمفهوم حسيّ شعوريّ، مستعملًا حاسّة السّمع في قوله: "نداء بائعة اللّبن، رنين جرس بائع الكاز، سُعال الزّوج المصدور، ليالي الزّفاف"، إنّ ما ذُكِرَ سابقًا يتّصل مباشرة مع المفهوم الحسّيّ، إذ إنّ لكلّ صوت صدًى، فاستعمال هذه الكلمات لم يأت من فراغ، فهنا يدلّ الكاتب إلى أنّ صدى المكان سيبقى عالقًا في ذاكرة العجوز. تجدر الإشارة إلى أنّي ذكرت سابقًا ازدواجيّة المكان، وهذا لخير دليل على ارتقاء المكان من الحيّز المادّيّ إلى الحيّز المعنويّ، فقيمة المكان هو ما نشعره في القلب، وخير ما يدلّ على ذلك، الجملة الأخيرة الّتي أردفها الكاتب، إذ قال: "وليالي زفاف أولادها، الّذين خرجوا من هذه العتبة إلى بيت الزّوجيّة واحدًا وراء الآخر وتركوها وحدها. وفي المستوى الثّاني، أيكمن القصد هنا في أولئك الّذين تلاكوا القضيّة وخرجوا عنها؟ أم في الشّهداء الّذين زُفّوا من أجل الوطن؟ أولادها قد خرجوا من البيت لبناء حياتهم المستقبليّة، ولكن هل خرجوا من قلبها بالرّغم من أنّهم تركوها وحدها. والجواب لا. وهنا إشارة في المستوى من وراء السّطور إلى أنّ خروج العجوز من وطنها أو بيتها لا يعني خروج وطنها من قلبها، فها هي تترك البيت "الوطن" مكانًا لا شعورًا. هذه العتبة...وراح تعبي عليك بخشيش. إنّ هذه الفقرة تحمل بين طيّاتها دلالة مبطّنة دالّة على أحداث القصّة، وذلك بالتّركيز على كلمة عتبة، وهي البلاطة ألّتي يُداس عليها عند اجتياز الباب دخولًا أو خروجًا، فالعتبة هي الفاصل، هي الحدّ، وباستعمال هذه اللّفظة دلالة مبطّنة على خروج العجوز من وطنها، ويبقى السّؤال ماذا عن عودتها؟ هل ستجتاز العتبة عودة أم لا؟ يتجلّى في هذه الفقرة رجوع العجوز في مخيّلتها إلى ذكرياتها مازجة بين دلالات الحزن والفرح، إذ يُظهر هذا المزج تخبّط العجوز وصراعها، فها هو الكاتب يذكر الأعراس تلك المناسبات السّعيدة، مستعملة أغنية من التّراث، إذ إنّ لهذه الأغنية دلائل "حزينة"، ففي قولها: "وبعد ما كبرت وصار على جناحك ريش، طرت وراح تعبي عليك بخشيش"، إنّ هذه الأغنية في مستواها الأوّل ما هي إلّا أغنية تقليديّة، تُنشدُ في الأعراس، أمّا بالنّسبة لفحوى النّصّ، فتحمل هذه الأغنية بين طيّاتها عتبًا معيّنًا مبطّنًا لأولئك الّذين هجروا الوطن منذ اللّحظة الأولى تاركين أرضهم، إذ لم يَفوا الوطن حقّه وآثروا تركه فورًا. ولو قيل لها... هو عزيز عليه وحبيب. إنّ ما يؤكّد ما ذُكِر أعلاه هو صيغة المبنيّ للمجهول في قوله، لو قيلَ لها إنّ هذا كلّه هو الوطن لما زيدَتْ فهمًا، وهنا يوجّه الكاتب نقدًا لاذعًا لأولئك الّذين تركوا الوطن بإرادتهم وينسبون نفسهم للوطن، ولذا فهي قد أصبحت في محطّ عدم الفهم في قوله: "لَما زيدَت فهمًا". فها هي تنظر إلى الأرض الحرام، والمقصود بالأرض الحرام هي المساحة الفاصلة بين فريقين متحاربين وهي عمليًّا غير خاضعة لسلطة أي منهما. وهنا لا بدّ من العودة مجدّدًا والتّأكيد على أنّ المكان قد أصبح مكانين، فها هي بصراع داخليّ، الموقف يطلب منها التّقدّم باتّجاه الأمام، أمّا عاطفتها فتقودها نحو الوراء. تدخل إلى القصّة شخصيّة الأخ الكهل الّذي أتى يودّع اخته مستغربًا، متعجّبًا، متألّمًا كيف بمقدور أخته أن تترك هذا الشّيء وراءها ولا تستطيع أخذه معها. تجدر الإشارة هنا إلى براعة الأديب في هذه الكناية في قوله "الشّيء"، واضعًا الكلمة بين مزدوجين، وهنا تبدأ الأسئلة في التّبلور في ذهن القارئ: ما القصد في قوله الشّيء؟ أهو البيت؟ أهو إناء الغسيل؟ أهو جرن الكبّة، أهو الأخّ الّذي سيصبح برحيل أخته في حالة من الجمود ولهذا كنّى عنه بالشّيء، أهو الوطن؟ فقد ظهرت معزّة أناء الغسيل بالنّسبة لها في الفقرة السّابقة، إذ أرادت حمله معها، أمّا في قوله هذا الشّيء الّذي تخلّفه وراءها، فهي قد تركت وراءها كلّ ما ذكر (البيت، إناء الغسيل، جرن الكبّة، الأخ والوطن). وقال له جارنا: ولكنّك في نهاية الأمر... وما أقصر باع قوانينهم. تدخل شخصيّة الجار إلى القصّة، ذلك الشّخص الّذي يزعم أنّ توقيع البيع آتِ لا محالة، فما أن سمع الشّيخ القرويّ هذا الحديث، وإذ به يتذكّر قصّة واقعية تدحض ما زعم به الجار، وهنا لا بدّ من لفت الانتباه إلى رمزيّة القرويّ، إذ يرمز إلى الإنسان البسيط ظاهرًا المتشبّث بأرضه ووطنه باطنًا، ولا يساوم عليها، إنّ القّصة الّتي رواها القرويّ لها أبعاد كثيرة تخدم فكرة النّصّ وهي دحض فكرة التّخلّي عن الوطن، إذ إنّ سربًا من الحجل يدخل إلى الحقل، وعندها يحمل الصّغير البندقيّة كأنّه رجل ليطلق عليه الرّصاص، فيقول الجدّ: يا ولد صيد الحجل للرّجال وهنا لا بدّ من الوقوف على دلالة اللّغة، ودلالة طير الحجل في الادب، ودلالة الحديث الّذي دار بين الشّخصيّات على حدّ سواء، بداية يجب الوقوف على التّشبيه البارز في قوله كأنّه الرّجل، إذ إنّ هذا التّشبيه لم يأتِ من فراغ، فالرّجولة ليست بحمل السّلاح ولا باستعماله، إنّما بمعرفة استعماله، أمّا دلالة الصّيد هنا، ففي المستوى الأول هي صيد الطّائر أمّا في المستوى الثّاني فهي بلوغ الهدف، فليس بمقدور كلّ شخص بلوغ الهدف حتّى ولو أبدى القوّة في مظهره، وهذا يتّصل اتّصالًا مباشرًا مع دحض فكرة التّنازل والتّوقيع على الورقة، فالقوّة هي قوّة الفعل وليست قوّة المظهر الخارجيّ، وحمل السّلاح وغيرها من دلالات. أمّا بالنّسبة لطير الحجل، فيرمز إلى الصّمود والقدرة على البقاء في بيئات قاسية، وما يدلّ على ذلك قوله: "يا للعجب، طير من الحجل لا يزال على قيد الحياة، فذهلنا. يأتي المستوى الأوّل ليوضّح أنّه بالرّغم من إصابة الطّير إلّا أنّه ما زال على قيد الحياة، فهو طير صغير كيف له أن يتحمّل الإصابة، أمّا في المستوى الثّاني، أنّه بالرّغم من الإصابة إلّا أنّه باقٍ وصامد، وهنا يأتي الرّمز واضحًا أنّ الطّير يمثّل الإنسان المتشبّث بالحياة وبالأرض. ليعود بنا الرّاوي إلى الحقيقة في وجود هذا الطّير عالقًا بين فكيْ قطّ، وقد أنقذه الصّغير من هذا القطّ، وهنا نعود مرّة أخرى إلى دلالة طير الحجل في الصّمود والبقاء الرّغم من قساوة ما يمرّ به. أمّا نهاية الفقرة وباستعمال السّؤال الإنكاري وصيغة التّعجّب فهذا يخدم المعنى أجلّ خدمة، فغرض السّؤال هنا النّفي والدّحض، أمّا الغرض من التّعجّب فهو الذّمّ والهجاء والوعيد، وهذه الأغراض تتّصل مباشرة مع الفحوى، في أنّ مدى القوّة في المظهر مؤقّتة لا غير، فالقوّة فوّة الفعل (وهذا سيتّصل مباشرة مع أحداث القصّة التّالية، إذ سيقف الشرطيّ حائرًا فيما يفعل، أمّا الطّفلة فستقطع وادي الموت وتعود منه ثانية. إنّي أنصحك ألّا تأتي... لا بقطرات الدّم. إنّ هذه النّصيحة تحمل بين طيّاتها مستويين، الأوّل هو المستوى الظّاهريّ بالخوف على الأطفال من الأهوال الّتي سوف يرونها، وخصوصُا السّيارات، إلّا أنّ الكاتب لم يقصد المستوى الأوّل، إنّما قصد ما هو أعمق، إذ إنّ شخصيّة الطّفل هنا لها أثرها، فمرحلة الطّفولة هي الأهمّ في صقل شخصيّة الإنسان، ولذا يبدو هنا تخوّف الرّاوي جليًّا في أنّ رؤية هذه الأشياء الغريبة الموجودة في بوّابة مندلباوم، قد يفهمها الطّفل وكأنّها الواقع الطّبيعيّ الّذي من المفروض أن يعيشه، بل من الطّبيعيّ أن يعيشها. فدور الأهل في تربية الطّفل غرس جذور وعاداته وتقاليده في نفسه، هذا من جهة وإبعاده عن الأمور بظاهرها، ففي حال أن تمسّك الطّفل في ظاهر الأمور وصقلها على أنّها جزء من واقعه، فهيهات أن يعود يومًا إلى الأصل. أمّا في تفصيل الصّور الّتي يريد الكاتب إبعاد الأطفال عنها، فيرمي إلى أنّ الطّفل سيحاول أن يقلّد، وإذا كان التّقليد دون رادع وحدود سيصبح نمط حياة مقتبس بعيد كلّ البعد عن القيم والمبادئ الّتي من المفروض أن يتربّى الشّرقيّ عليها. تجدر الإشارة إلى أنّه في مستهلّ التّحليل كنت قد تطرّقت إلى تقسيم المكان إلى مكانين إذ عاد إلى الظّهور ثانية في قوله: "هنا وهناك" وكأنّ الحديث عن مكانين، بالرّغم من أنّ الحديث يدور على المكان نفسه، إلّا أنّ الفصل بين المكانين له ما له من الإشارة إلى الفصل بين الشّعبين الّذيْن يملكان صلة مع هذه الأرض. موجّها الكاتب نظر القارئ إلى وجود مسؤولين يؤيّدون هذا الشّرخ الاجتماعيّ بين المجتمعيْن، فبقوله الأوروبيّة يقصد الاستعمار البريطانيّ. هذه هي... شرطيّهم. إنّ هذه الفقرة غنيّة في الدّلالة ضمن التّوافق والانسجام بين أصحاب البدلات الأنيقة، والشّرطة المسؤولة عن هذا الحيّز، إنّ لفي هذا إشارة إلى أنّ الحيّز المكانيّ أصبح مجهول المصير، واللّافت للنّظر لوصف هؤلاء أدقّ وصف، إذ إنّ هذا الوصف يحمل بين طيّاته صبغة من التّكثير، إذ فصّل الكاتب بالضّبط من هم الموجودون، وذلك ليعطي لهم حضورًا، ويبقى السّؤال المطروح هنا، هل سيبقى حضورهم لافتًا أم أنّ حضورهم شكليّ فقط، وعلى أرض الواقع سيتحقّق حلم العرّافّة. ما يلفت النّظر حقًّا وضع جملة -من باب الذّوق والتّمدّن- بين عارضتين، وفي هذه الجملة انتقاد لاذع مُبطّن، ما التّمدّن المقصود، وما الذّوق الموجود في وجود أشخاص لا تمتّ لهم صلة بالحيّز، ويحاولون جاهدين تملّك المكان ووضع صبغتهم عليه. وفي باب... الغدو في الرّواح. في هذه الفقرة تبرز السّخرية، إذ إنّ هؤلاء الّذين لا تمتّهم صلة بالمكان يستطيعون التّنقّل كيفما يريدون، وما من رادع يردعهم، إذ إنّ القانون لا يسري عليهم، أمّا السّكان الحقيقيّون، فتقيّدهم قوانين أٌنزلت عليهم رغمًا عنهم، وما يؤكّد ما ذُكر هو بداية الفقرة التّالية بالتّوسّل. ولمّا أخذت أختي تتوسّل... سيّدتي المحترمة. في هذه الفقرة تظهر حقيقة الأمر جليّة، حقيقة ساخرة لا تتعلّق بالمنطق، إذ إنّ هؤلاء الغرباء يحقّ لهم ما لا يحقّ لسكّان المكان. وقال الشّرطيّ: أرجوكم أن تبتعدوا... لكلّ شيء نهاية حتّى لساعة الوداع. تزداد السّخريّة سخرية، إذ يطلب الشّرطيّ منهم الابتعاد بسبب الازدحام، فسكّان الوطن هم سبب هذا الازدحام، وما يثبت هذا الأمر هو قول العسكريّ لأخت الرّاوي: "لكلّ شيء نهاية حتّى لساعة الوداع". وخرجَت من بابنا... بتأنيب الضّمير؟ إنّ هذه الفقرة تؤكّد الانقسام المكانيّ، فبالرّغم من أنّ العجوز موجودة في مكان واحد، ولكنّها تتّجه من إلى، وفي توجّهها اعتلت ذكرياتها وتربّعت عرش أفكارها لتبرز للقارئ صراعها الدّاخليّ القويّ، وذلك من خلال الالتفات إلى الوراء والتّقدم نحو الأمام، لتأتي بذكر ابنها الّذي سقط ميّتًا قبل ثلاثين عامًا، وها هي تشعر بتأنيب الضّمير، وهنا لا بدّ من الوقوف على هذه الجملة بمستويين: الأوّل: هو قصّة موت ابنها. الثّاني: الابن هنا يمثّل الوطن، فمن الممكن أنّ سقوط الوطن في يد الانتداب البريطانيّ، والآن هذه العجوز تترك الوطن ولذا فهي تشعر بتأنيب الضّمير. وبرز من بين الحطام... أخرى إلى الأمام. إنّ هاتين الفقرتين تظهران الفرق بين الجهتين، وتؤكّد ما ذُكِر آنِفًا بصدد الانقسام المكانيّ، إذ إنّ المكان الواحد قد أصبح مكانين مختلفين، وكأنّه لا صلة بينهما، ويظهر ذلك أيضُا من خلال الوصف الموجود والاختلاف القائم ظاهرًا وجوهرًا، الاختلاف الظّاهريّ بين المكانين من خلال وصف العسكري الأردنيّ الّذي يعتمر الكوفيّة، والجندي الإسرائيليّ مكشوف الرّأس، الاختلاف الثّاني يظهر في طريقة الاستقبال والحديث، إذ إنّ الأردنيّ استقبل العجوز ووقف يتحدّث معها، أمّا الجنديّ، فقد أعطى أمرًا بعدم التّقدّم خطوة أخرى إلى الأمام. ولماذا؟ قال لنا: كأنّما هي قطعت... سيّارة الأمم المتّحدة. نعرف من جواب الجنديّ أنّ ما تفوّه به ليس جوابًا، فهو يعلّق تغيّر الوضع بسبب نشوب الحرب، متنصّلًا من إعطاء جواب مقنع عن طريق الطّلب بفسح المجال امام سيّارة الأمم المتّحدة. إنّ أداة الاستفهام لماذا تحمل بين طيّاتها تركيبًا من لام التّعليل وما الاستفهاميّة وذا الإشاريّة، وإذا تتبّعنا "الإجابة" فلا يوجد فيها أي تعليل منطقيّ، إنّما على العكس، فقد كانت الإجابة مجرّدة من أي تعليل. وفجأة انفلت من بيننا جسم صغير ينبض بالحياة... وتأخذها بين أحضانها. في هذه الفقرة إشارة إلى أنّ الحدود والقوانين لا تقف عائقًا أمام طفلة صغيرة، يعطيها حيّز تفكيرها ردّة فعل أنيّة للّحاق بجدّتها لتحضنها، أمّا في المستوى الثّاني، فتحمل شخصيّة الفتاة رمزًا للإنسان وللجيل الّذي يرمز إلى السّلام، والعودة إلى الدّيار، وما يؤكّد ذلك قول الكاتب جسم ينبض بالحياة، فهذا الجيل جيل نابض يحبّ الحياة والسّلام، فهذه الطّفلة في احتضان جدّتها بحثت عن السّلام الدّاخليّ، وبثّت رمزًا للسّلام الخارجيّ بين الشّعوب، وحقّ الشّعب في التّنقّل والعودة. ومن بعيد رأينا... فجأة. إنّ هذه الفقرة تُظهر انشغال الشّخصيّات، إذ إنّ جميعهم يمثّلون الفئات السّياسيّة ذات السّلطة، إلّا أنّ العجيب في الأمر أنّ جمعيهم وقفوا حائرين يبدون انشغالهم المُفتعل، إذ إنّ هذا الانشغال المفتعل ما هو إلّا دليل وإشارة إلى خجلهم، إذ إنّ هذه الطّفلة لقّنتهم درسًا ذا أبعاد كبيرة. أي أمر... بوّابة مندلباوم. يخصّص الكاتب حُبكة النّص في سطر منفرد، ليعطيَ دلالة علة قوّة ما حدث، فلم يكن من المتوقَّع أن تقوم فتاة صغيرة بقطع وادي الموت والرّجوع مرّة أخرى، وكأنه لا حدود موجودة ولا بوّابة فهي طفلة... مع نينا ومع سوسو. وظّف الكاتب صفات عدّة لهذه الطّفلة، قائلًا: إنّها جاهلة لا تفرّق بين العسكريّ العربيّ والآخر اليهوديّ، فهي طفلة ساذجة، خالت لها نفسها أنّها ما زالت في بلادها، لا بدّ من الوقوف على عدم تمييز الطّفلة في مستواه الثّاني، إذ إنّ قطعها الوادي وعودتها، هذا من جهة وعدم تمييزها من جهة أخرى أنّها قطعت البوّابة، أضف إلى ذلك كونها تتكلّم اللّغتيّن ما هو إلّا رمز ودليل على أنّ هذه الطّفلة ترمز إلى السّلام، فالطّفل ببراءته بعيد كلّ البعد عن الحرب والنّزاعات، إذ إنّه بالنّسبة لهذه الطّفلة الوضع عاديّ ولا فرق بين العساكر ولا فرق بين اللّغتين، إذ إن متكلّمي اللّغتين يعيشون مع بعضهم البعض، فهذه البلاد بلادها ولها أن تسرح فيها كما يحلو لها. وبما أنّ جيل الأطفال هو جيل الأمل، فقد كانت هذه الطّفلة رمزًا للحيلولة دون تقسيم القدس، إذ إنّ الطّفلة بمنظورها لم تر اختلافًا بين الجانبين، وكأنّ القسم ليسا قسمين. ويظهر أنّ عسكريّ الجمارك...ما أسلمه. يظهر هنا تملّق عسكريّ الجمارك، إذ لم يجد ما يفعله وسط هذا المشهد الّذي حصل، فما كان منه إلّا أن وصف الطّفلة بالجاهلة، مشيرًا إلى السّادة أن يبعدوا أطفالهم لئلّا يسقطوا بين عجلات السّيّارات. إذ إنّ في المستوى الثّاني يرمز الكاتب إلى اليوم الي سيفكّ فيه الحصار عن الفلسطينيّين، وذلك في قوله (لكلّ شيء نهاية حتّى للورطة وينهي الكاتب نصّه بالتّوجّه إلى الرّاوي معلّلًا سبب عدم المجيء إلى بوّابة مندلباوم بصحبة الأطفال، وذلك لأنّ منطقهم سليم غير مركّب، وفي هذه الجملة تلميح إلى كون الجيل الآتي لن يرضخ إلى الواقع المركّب، إنّما سيبحث عن السّلام، والمقصود بالسّلام فكّ الحصار. مميّزات القصّة: