نهاية رجل شجاع – حنا مينة
حنّا مينة:
أديب سوريّ وُلدَ على ضفاف اللاذقيّة، من عائلة فقيرة، اشترك في عدّة مظاهرات ضدّ المستعمر تُطالب باستقلال بلادهم فزُجّ بالسجن وبدأ بعدها بكتابة القصص إلى الصّحف الدّمشقيّة.
عاش حنّا طفولته في إحدى قرى لواء الاسكندرون على الساحل السوري. وفي عام 1939 عاد مع عائلته إلى مدينة اللاذقيّة وهي عشقه وملهمته بجبالها وبحرها. كافح في بداية حياته وعمل حلّاقًا وحمّالًا في ميناء اللاذقيّة، ثمّ كبحّار على السفن والمراكب.
تلخيص الرواية:
تحكي الرواية عن حياة فتى يسمّى مفيد الوحش، من فترة الطفولة و الشقاوة إلى مرحلة البلوغ والنضوج ، تربّى على يد والده الفلاح البسيط، غير المبالي، والذي كان يستخدم أعنف وسائل الضرب في التربية، ففي أحدى الأيام عندما كان مفيد ابن 12 عاماً قام بقطع ذنب حمار أحدى الفلاحين، فقامت الدنيا و لم تقعد في الضيعة فقام والده بربطه بالحبال ثم انهال عليه ضرباً بالكرباج ولم يكتف بذلك، بل تمّ ضربه فلقة أمام رجال الضيعة ونسائها و صغارها مما سبب له أذى نفسي و أصيب بعدوانية شديدة قام على أثرها بالهرب من البيت و الضيعة ولم يعد إليها قط .
كان مفيد يملك جسداً عملاقاً خلق للشجار والعراك وتحمّل الأثقال، ولكن عقله كان فارغاً، عندما هرب من البيت، تشرّد بين الطبيعة والمزارع، ونصحه قريب أمه إبراهيم الشنكل بنسيان الماضي وترك الشقاوة والبدء بداية جديدة في مكان لا يعرفه أحد ولذا ذهب إلى المدينة.
التقى بصديقه عبدوش وهو فتى مشاغب هرب أيضا من قريته و أصبح يعمل خبازاً وساعد مفيدا كثيراً على الاستقرار و تدبر له عملاً معه، حتى جاء يوم و تعاركا مع العدو الفرنسي في أحد المقاهي وعلى أثرها تم رميهما في السجن مدة سنتين وكان حينها مفيد ابن 18 عاماً.
علّم السجن مفيد معنى أن يكون رجلاً، حيث نفعته صحبة السجناء الثوار والسياسيين أمثال عبد الجليل والأستاذ ماهر وتعلم القراءة بسلاسة من خلال قراءته للجرائد ومع ذلك ظل رجلاً ذا نزعه همجيّة.
خرج من السجن وذهب للعمل في البحر مع بكري الغطاس يصطاد الأسماك الكبيرة والصغيرة ويدافع عن مراكب الصيادين ثم توجه للعمل في المرفأ.
في المرفأ حدثت أحداث كثيرة، مغامرات و تحديات مع العجوز والمعلم رضا و جماعة حليش والزقلوط ومفيد تحول من نكرة إلى وحش يحسب له ألف حساب، ولأنه كان مغرورا و يمتلك نرجسية عالية، انقلب عليه رجال المرفأ ليودعوه السجن مدة خمس سنوات، ويصاب بمرض السكر، ولقلة العناية والاهتمام تم بتر ساقيه وتقف زوجته لبيبه المحبة إلى جانبه بصبر وثبات.
ثم يظهر في حياته إبراهيم الشنكل من جديد ويساعده على الخروج من حالة اليأس إلى حب الحياة وساعده في تدبر عمل كبائع للدخان، ثم للبضائع الممنوعة المهرّبة وأصبح يحلم بامتلاك ساقين صناعيتين وأصبح يتخيل المشي في الشوارع والنزول إلى البحر لكنه وقع ضحية مشاكله القديمة في الميناء حيث ظهر له عدوه بطحيش من حيث لا يحتسب ووجهه أنظار الشرطة إليه ليقطع رزقه و تتبخر أحلامه، ليقوم بعدها بقتل أحد الضباط و الانتحار بعدها مباشرة.
تحليل الرّواية:
تبدأ الرّواية برسم صورة للبطل القادم "مفيد"، ويبدو مفيد في صورته الأولى انسانًا سلبيًّا تجاه مجتمعه الأولى، كما أنّه غير قادر على التّفاعل السّليم مع أفراد المجتمع ومكوّناته، فمفيد حدث عابث لا يشعر بالمسؤوليّة تجاه الأسرة والمدرسة والمجتمع (القرية).
وترسم لنا الرّواية صورة الأب القاسي؛ فوالد مفيد لا يتّصف بأيّة إنسانيّة في تعامله مع ابنه فسرعان ما يوقع به أشدّ عقاب لأقلّ مخالفة يرتكبها ابنه، فالوالد في هذه الرّواية كان سلبيًّا جدًّا؛ إذ أنّه لم يعوّد ابنه الحلول السلميّة أو حتّى العقاب المناسب للخطأ المرتكب لذلك نستطيع القول إنّ الأب كان من أهمّ الشّخصيّات الّتي دفعت بمفيد إلى العيش وحشًا في سنّ مبكّرة.
إنّ قسوة الأب وضغوط البيئة وأحكام القيم والأعراف أسهم إسهامًا مباشرًا في خلق تغيير جذري في شخصيّة مفيد، فتمرّد على كلّ القيم والأعراف انتقامًا للأنا.
ظهرت صورة الأم طيّبة حنونة، لكنّها في الوقت نفسه عاجزة عن أن تقدّم لمفيد أيّ عون حقيقي، فما كانت قادرة على ثني الأب عن تصرّفاته مع مفيد او حتّى التّأثير عليه، بحكم علاقتهما الزّوجيّة؛ فقد كانت مغلوبة مهزومة أمام زوجها الجبّار وكلّ ما كانت تفعله هو فكّ وثاق مفيد، وإبعاده عن البيت والأخذ في نصحه وإرشاده.
ظهرت صورة المجتمع الاوّلي لمفيد "القرية" من خلال المختار والمعلّم، فالمختار كان رجلًا قاسيّا كثيرًا ما يستمع لكلام أهل القرية، فلم يكن حكيمًا ولا متريّثًا في اتّخاذ قراراته، فسرعان ما عاقب مفيدًا أشدّ العقاب عندما قطع ذنب الحمار، وعاملوا مفيدًا على ان ارتكب جرمًا مقصودًا.
أمّا المعلّم فقد كان سلبيًّا جدًّا في حياة مفيد؛ ذلك أنّ مفيدًا كان يرى في المدرسة حبسًا له، فلم يكن راغبًا أبدًا في الالتحاق بالمدرسة وأكمل المعلّم كابوس المدرسة في حياة مفيد فقد كان مغرورًا ولا يتمتّع بالشخصيّة المطلوبة للمعلّم، كان عجولًا يسارع للعقاب قبل كل شيء، بل كان يرى من مفيد مشكلة يجب التّخلّص منها، فكان يسارع إلى طرده من الصّف، أو تكليفه ببعض المهمّات ليتخلّص منه.
لقد كان المجتمع الأوّل (القرية) في حياة مفيد عامل هدم ودفعه إلى التّشرّد والفرار من واقع القرية المحبط فأصبح مفيد يرى بالقرية سجنًا كبيرًا ومصدرًا للألم والوحشيّة والقسوة ووصلت هذه الصّورة إلى قمّتها بعد أن تبرّأ منه أبوه أمام الجميع.
انتقل مفيد إلى المدينة ظنًّا منه أنّه سيجد فيها كل ما يريد بأيسر السّبل وأسهلها إلّا أنها كانت أقسى من القرية فالمدينة لا تتّسع للّذين لا يملكون فكرًا وقدرة على التّعامل مع المعطيات الجديدة بشكل عقلانيّ سليم؛ لذلك وجد مفيد نفسه مشرّدًا مرّة أخرى، إلى أن ظهر في حياته أحد أقارب أمّه يدعى " إبراهيم الشّنكل " وبدأ في توجيهه إلى حياة جديدة تبدأ بالاعتماد على القدرات العقليّة؛ فالجسد في المدينة وحده لا يكفي.
شكّلت المرأة رؤية جديدة لمفيد، فبعد أن تعرّف إلى عشيقته "لبيبة" أخذ يعيد حساباته فقد استطاعت أن تروّضه وأن توقظ فيه الحسّ الانسانيّ المتمثّل بالحب والرّغبة الملحّة في ترجمة الحب واقعًا في الزّواج ولذلك نجد أن لبيبة قد شكّلت منعطفًا هامًّا في حياة مفيد؛ إذ أنّه بدا لأوّل مرة يميل إلى الاستقرار والارتباط والبحث عن عمل يجعلهما مرتاحين سعيدين.
أسهم السّجن في تشكيل الذّات الفاعلة عند مفيد فبعد أن تمّ سجنه وتعرّف إلى الأستاذ ماهر، اهتمّ من جديد بالقراءة، موقنًا أنّ القراءة مفتاح مهم ينبغي أن لا يضيّعه مرة أخرى بعد أن أضاعه في المدرسة، وبالفعل فقد أكسبه الاستاذ ماهر العديد من المهارات الفكريّة المهمّة ومن أهمّها أن زرع فيه بذور الخير ونمّاها، وظهر ذلك جليًّا بعد أن خرج من السّجن ووجده "عبدوش" وطلب إليه أن يشاركه في عمليّة سطو، إلا أن مفيدًا رفض ذلك احترامًا للوعد الذي قطعه على نفسه أمام الأستاذ ماهر.
يعدّ السّجن عاملًا مهمًّا من عوامل تربية مفيد، فقد عرف فيه الكثير من الأمور التي يعرفها وهو حرّ طليق؛ لذلك يمكن القول إنّ السّجن كان مقابلًا للمدرسة في حياة مفيد، فالمدرسة الّتي كان يرى فيها مفيد أنّها سجن لم تفده بشيء بل إنّها زادت في ضياعه واغترابه، في حين نجد أن السّجن صار مصدر معرفة لمفيد، أي أنّه صار المدرسة الأولى في حياته.
لم ينجح مفيد في الحفاظ على مبادئه الّتي عاهد عليها الأستاذ ماهر، فسرعان ما هجرها وعاد إلى حياة التّشرّد والسّطو والاعتداء على الآخرين، وهذا المفصل من حياته يمثّل عودة مفيد إلى الذات السلبيّة التي ترفض المجتمع والقيم الايجابية فيه، وهنا نجده قد اختار لنفسه منزلة عالية في حياة الرذيلة حتّى انغمس فيها؛ فقد صار من لصوص الميناء وصنع لنفسه الكثير من العداوات؛ لما يتمتّع به من قوّة وجبروت مفرطة.
عاد مفيد إلى السجن من جديد، بعد أن عثا في الميناء فسادًا، فقد تعاون أعداؤه ليتخلّصوا منه، وهناك في السّجن أصيب بمرض السكّري الّذي أدّى الى قطع رجليه؛ ممّا يعني فقدان قدرته على المشي أي أنّه في حكم الميّت؛ فالميناء لا تقبل الاموات والضّعفاء، وهنا احكم اليأس عليه قبضته فاستحوذ عليه، إلى أن عاد وظهر إبراهيم الشنكل مرّة أخرى واستطاع أن يخرجه ممّا هو فيه ولكنّ الأعداء في الميناء لم يتركوه فقد ضيّقوا عليه إلا أن مفيدًا قتل أحد الضّبّاط "الرّقيب زريق" هذه المرّة وأنهى حياته منتحرًا.
الشخصيّات:
عبّود: رجل عجوز لا يملك سوى حمار يركبه في نزوله الى بانياس ويحمل عليه بعض نتاجه من الخضار فيبيعها ويشتري بثمنها بعض حاجياته. وقد حسب أن الحمار سيموت بعدما قطع ذنبه مفيد ولكن الحمار لم يمت.
إبراهيم المغضوب: والد مفيد، يلّقب بالمنتوف، رجلاً ضخمًا وقاسي الطباع ويعاقب مفيد بشدّة. أحبّ الأرض واعتنى بها وكان يزرعها في كلّ المواسم وفي الخريف يشتغل عاملًا في معصرة الزّيتون. تبرّأ من مفيد أمام جميع أهل القرية بسبب تصرّفاته السيّئة.
ريما الحنش: والدة مفيد، تلقّب بالبكبوكة، طيّبة حنونة لكنّها في نفس الوقت عاجزة عن أن تقدّم لمفيد أي مساعدة حقيقيّة فما كانت قادرة على منع الأب من معاقبة مفيد أو حتّى التأثير عليه فقد كانت مغلوبة مهزومة أمام زوجها الجبّار وكلّ ما كانت تفعله هو فكّ وثاق مفيد، وإبعاده عن البيت والأخذ في نصحه وإرشاده وأحيانًا كانت تتعرّض للضّرب والشتم من زوجها بسبب مفيد.
الأستاذ شعبان: معلّم مفيد، كان طويلًا نحيلًا يلبس طربوشًا يصل إلى ما فوق الحاجبين بقليل. كان ينكش أنفه في الصّف وأحيانًا يلاحق النّساء في القرية. كان سببًا في كره مفيد للمدرسة، كان يرسله لقضاء بعض الحاجات مثل جمع الحطب أو جلب الماء أو قضاء حاجات للمعلّم لا علاقة لها بالتّعليم.
غنّوم: رجل من القرية، بينه وبين والد مفيد عداوة قديمة، حاول أن ينتقم من والد مفيد بواسطة عبّود، حاول أن يستثير عبّود ويحثّه على المطالبة بحقّه مقابل قطع ذنب الحمار.
المختار: كان رجلًا قاسيًا، كثيرًا ما يستمع لأهل القرية فلم يكن حكيمًا ولا متريّثًا في اتّخاذ قراراته، فسرعان ما عاقب مفيدًا أشدّ العقاب عندما قطع ذنب الحمار.
إبراهيم الشنكل: رجل بسيط، فقير يبيع الخضار على عربة يدفعها أمامه، كان ربّ عائلة وعليه طوال العام أن يكدح كدحًا متواصلًا. لذلك يعمل في الشّتاء حمّالًا، ولا يكاد هو وزوجته وأولاده يشبعون اللقمة. أمّا اللباس فكان خرقًا تستر الأجسام، غير أنّه من جهة أخرى، كان أبيًّا، عزيزًا يضع رأسه أفكارًا حلوة يعاقبونه عليها ويسجنونه دائمًا بتهمة توزيع منشورات ضد الحكومة الفرنسيّة.
عبدوش: شاب من القرية، كان طويلًا وفي وجهه بعض آثار الجدري وعصبيّ الحركة. هرب من القرية ونزل إلى بانياس وهو يعمل في فرن، ساعد مفيد في البداية وطلب من المعلّم مبروك صاحب الفرن أن يعمل مفيد عنده فوافق على ذلك. كان بلطجيًّا ويشرب الخمر. كان يتعارك مع الفرنسيّين الذين يعترضون طريق النّساء وأصحاب المقاهي ويتهرّبون من دفع المال لأصحابه. اشترك مع مفيد بصراعه ضد رجال البريفوتة وبعد ذلك في سرقة الماعونة. بعد ذلك تركه وسافر الى اليونان.
المعلّم مبروك: صاحب الفرن.
لبيبة الشقرق: امرأة غير صالحة، تابت على يد مفيد ووجدت عملًا في شركة الريجي (شركة حصر التبغ والتنباك)، فاستأجرت غرفة صغيرة وملحقاتها وعاشت باستقامة، شريفة، وتحرص على زيارة مفيد بالسّجن عندما كان في سجن اللّاذقيّة، بعد انتقاله إلى سجن حلب انقطعت هذه العلاقة. بعد خروجه من السّجن حاول ان يبحث عنها ولم يجدها. بعد مرور عدّة أعوام وجدها صدفة في طريقه فتزوّجها وكانت له حسن الزوجة ورفيقة الدّرب وأعانته عند مرضه.
عبد الجليل: كان طيّبًا، خلوقًا ومحسوبًا من السجناء السياسيين، كان صديق مفيد في السجن، كان يساعده ويرشده ويحذّره من مشاكلة السّجناء وقد أعطى مفيدًا عدّة نصائح، وهي:
الأستاذ ماهر: محامٍ، يدافع عن السّجناء. التقى بمفيد وقدّم له عدّة نصائح، ومنها:
الرّيّس بكري الغطاس: صاحب مركب صيد، عمل معه مفيد بعد خروجه من السّجن ولكن لسوء الحظ أن الشتاء فرّق بينهما لأن العواصف تواصلت فيه وشحّ الرزق وتوقّف العمل مما اضطرّه أن يبيع مركبه.
حليش: ضئيلًا، قميئًا، له هيئة ثعلب، ويصلح أن يكون قوّادًا. يوجد لديه فلوكة يستخدمها للسرقة، اشترك مع عبدوش ومفيد في سرقة الماعونة. انسان لئيم، نذل ولص. طلّق أبوه أمه وتزوّج من أخرى، قست عليه الخالة وكان حليش أكبرهم ففرّ من البيت. وقع بين أيدي اللوطيّين، نام على الأرصفة، راح يسرق ما تطاله يده. بعد ذلك قبض عليه وسجن وفي السجن بين القتلة والمجرمين تعلّم ما كان ينقصه، ثمّ سلك طريق المرفأ، وانضمّ الى عصابة أمثاله وراح يسرق الحبوب وعندما كبر تدرّب على سرقة أشياء أكبر وصارت له عصابة. اشترك مع مفيد وعبدوش في سرقة الماعونة. في النهاية قتل.
زلقوط: يعمل في الميناء، ينقل الكلام للعجوز، يتجوّل في مقهى الميناء ليسترق السمع والأخبار من أجل أن ينقلها للعجوز لينال رضا الأخير. كان يأخذ أموالًا من اللصوص الصغار أمثال حليش، وهو أيضًا قاتل.
المعلّم رضا: معلم طيّب، معروف، مرهوب الجانب، ولم يكن بحاجة إلى من يعمل مع، بل إلى من يقف بجانبه بسبب المنافسة الشديدة القائمة في الميناء. رئيس فرقة في الميناء، لقّب بالنورس لأنه يخبِر العجوز بكل ما يدور في الميناء ليكسب رضا العجوز.
برهوم: مربوع القامة، له وجه زاد عرضه على طوله، وامّحت رقبته، كأن رأسه مركّب على جسمه مباشرة. وهو رجل صلب وموضع ثقة ومن الّذين يعتمد عليهم. يبثّ أفكار الحريّة والمطالبة بحقوق العمّال في الميناء وهو انسان مثقّف.
حسن الدّفش: رئيس الورديّة، صاحب كيف، صاحب مزاج، ويقال أنّه يستخدم ويدخّن الحشيش بعد الشغل، كان من المطالبين بنقابة عمّال ومن جماعة برهوم.
يوسف البطحيش: رئيس فرقة في الميناء، بينه وبين المعلّم رضا عداوة شديدة. يريد الواحد منهما إخراج الآخر من الميناء بكلّ ما لديه من قوّة. حاول قتل مفيد أكثر من مرّة وكان يحرّض الجمارك ضدّه عندما علم أنّه يبيع المهرّبات.
خربوط: ماسح الأحذية، طويل اللسان، يتعاطى الكيف وبيّاع متجوّل، نجد عنده كل انواع البضاعة وخاصّة الممنوعة. رأسه مبعّج، شعره مشعّث وفي جسمه خطأ يدعو إلى الضحك وفيه شيء يدلّ على الخبث. أبلغ الخربوط مفيدًا بأن يوسف البطحيش يتوعّده.
الرّقيب زريق: ضابط في مديريّة الضابطة الجمركيّة، جاء ليحذر مفيد من التّجارة بالمهرّبات، بعد ذلك حاول ان يفتّش بيت مفيد ولكنه مفيد قتله. وقد عرف مفيد أن هذا الرقيب مبعوث من يوسف البطحيش.
العجوز: رجل قاسٍ، يحكم الميناء، يضطهد العمّال ويأخذ حقوقهم، يبث الفساد والخلاف في صفوف المعلّمين والعمّال لأن ذلك في مصلحته ويساعده على سلطانه وسيادته عليهم (فرّق تسد). كان العجوز يخاف من تشكيل نقابة للعمّال ويحسب لهم ألف حساب لأنّهم يعملون على توعية العمّال وتعريفهم بحقوقهم المسلوبة ومن المحتمل أن يثوروا ضد العجوز في المستقبل. عقابه شديد لمن يخالفه، كان يأمر بقتل او إغراق كل شخص يحاول مخالفة أوامره، كان رجلًا حكيمًا وحلو اللّسان.
مفيد: قامته طويلة، متينة، عريض المنكبين ورقبته ثخينة ورأسه كبير، شعره مجعّد وعيناه عسليتان واسعتان وجبهته منبسطة تحتها أنف ضخم وفكّان ضخمان وذقنه مفلطحة وشعر صدره أسود وشعر رأسه خرنوبي وساعداه قويّان معضّلان وزندان مفتولان. انسان شقي جدًّا عاش متشرّدًا في البرية لأنه طرد من القرية والبيت بسبب أعماله المشينة وقطع ذنب الحمار. انتقل الى اللاذقية وسُجِن عدّة مرّات، قام بسرقة الماعونة بمساعدة عبدوش وحليش، كان يطمح بأن يصبح أحد رجال الميناء الكبار ولكن كانت أمامه الكثير من العقبات مثل: المعلّم البطحيش والسجن ومرض السكر. في نهاية الرواية قتل الرقيب زريق وانتحر بعد ذلك. كان يعتمد على قوّته الجسديّة دون العقل، أحبّ امرأة باغية تدعى لبيبة وبعد ذلك تزوج منها.
مثّلت لنا شخصيّة مفيد الوحش صورة الإنسان العربيّ الذب يضيق ذرعًا بالقرية وما فيها من خوف وجهل وفقر، كما مثّلت صورة الإنسان العبثيّ الذي يظنّ انّ الحياة قوّة وجسد، فنجد مفيدًا يعتمد على قوّته وجسده، ظنًّا منه أنّ الحياة لا تتّسع لغيره، لكن مفيدًا اكتشف غير ذلك عندما وصل إلى المدينة، ولكن المدينة الكبيرة بتناقضاتها الاجتماعية وبمظاهر فسادها المختلفة، حوّلت هذا الريفي ذا النزعة الحيوانية إلى بطل يدخل حلبة الصراع لكي ينجح فيها "هنا في المدينة ستتعلم كيف تتعامل مع الناس وكيف سينالونك بالأذى، إذا لم تقلع عن هذه الشقاوة. فكر في أمرك، في وضعك في تدبير عمل ما وإلا مت جوعاً، هنا لا توجد كروم عنب أو تين لتسطو عليها وتشبع معدتك".
شخصيّات هامشيّة: أخوة مفيد، رفاقه وأولاد صفه، أهل القرية، رجال الدّرك، الفلّاحين، زوجة شعبان، صاحب المقهى، السّجناء، رجال البريفوتة، زوجة ابراهيم الشنكل واولاده، عمّة مفيد، هديّة (صاحبة مفيد الوحش في بانياس قبل أن يتعرف على لبيبة). طبيب السّجن...
حمّود: خادم العجوز الّذي أخذ مفيد لكي يرى حليش وهو مقتول.
جنيد: ملاحظ الباخرة، يوزّع العمّال على العنابر وعلى السّطح.
محمّد القرش (كنيته أبو العبد) وجمعة (كنيته أبو مصطفى): صادقين وشريفين، من العمّال ومن الفئة النظيفة فيهم، حاولا توعية مفيد وإنقاذه من أراذل الميناء أمثال الزلقوط.
الفاروسي: كنيته أبو عبد الله، يدعى تميم الفاروسي. وجهه أسمر وفمه مدوّر، جبينه عريض، رجل صريح ومكتوٍ بنار الميناء وهو من عمّال المعلّم رضا.
مصطفى الدّق: السّجين الّذي يبيع الشاي والقهوة والمكلّف بسكب الطّعام في الصّحون.
راتب: العامل الّذي كان يعمل على الباخرة وقطعت رجله، لم يدفع له العجوز تعويضًا لأنه من جماعة برهوم، هو من المغضوب عليهم.
نجّود: رجل حاول قتل مفيد، المعلّم يوسف البطحيش هو الّذي دفعه إلى ذلك، تصدّى له مفيد وجرّه إلى المخفر.
خالد مرعي: الطّبيب الذي فحص مفيدًا فحصًا دقيقًا وطلب تحليل الدم لمعرفة درجة السكّر.
مختار المدينة: ظهر في نهاية الرّواية مع الرّقيب زريق لكي يفتّش الأخير بيت مفيد.
اللّغة:
اللّغة في السّرد لغة فصيحة، تُنقل لنا على لسان مفيد الوحش، تتحدّث الشّخصيّة بضمير المتكلم. الرّاوي هو إحدى الشّخصيّات المشاركة في الرّواية (راوي عليم ومشارك)، لكن في آخر الرّواية يُنقل لنا الحدثين الآخيرين على لسان لبيبة، قائلة: "أنا لبيبة الشقرق، سأروي لكم ما حدث بعد ذلك...." ص406.
اللّغة في الحوار لغة فصيحة أيضًا مثل الحوارات الّتي دارت بين عبد الجليل ومفيد والأستاذ ماهر. والحوارات التي دارت بين مفيد وبرهوم، بين مفيد وحسن الدّفش ومفيد وإبراهيم الشنكل. مفيد ومحمد القرش وجمعة أبو مصطفى، مفيد والفاروسي، مفيد والعجوز، مفيد والمعلم رضا...
أمّا الحوارات التي دارت بين مفيد وعبدوش وحليش، ومفيد وزلقوط، مفيد والخربوط... فإنها حوارات تشتمل على كلمات نابيّة ولغة عاميّة تلائم المستوى الاجتماعي للشخصيّات، فهذه الشّخصيّات غير متعلّمة ولم تتربّى تربية سليمة فعبدوش وخربوط اولاد زنى أما حليش فقد كان متشرّدًا وهرب من المنزل بسبب معاملة خالته له أمّا مفيد فهو أيضًا عاش متشرّدًا بسبب معاملة الأب وأهل القرية له وطرده من المنزل.
توظيف الأمثال الشّعبيّة:
توظيف كلمات غريبة ليست عربيّة:
يوق- لا يوجد (كلمة تركيّة)
بلفة- خدعة (أجنبيّة)
بروباغندا- دعاية (أجنبيّة)
استيفادور- عامل التّنضيد اي تكديس البضاعة.
الريجيم: الحمية (فرنسيّة).
توظيف معجم العاشقين:
بين لبيبة ومفيد بالرّغم من أنها باغية إلا أنه أحبها بصدق، العاشقون، حب صامت، اعجاب، سأموت في حضنك، حبيبي، رجل وامرأة في بيت واحد، ربّة البيت التي انتظرتها واريدها وأشتهيها، استقرار.
توظيف اللغة المحكيّة:
في الحوار بين الشخصيات. نسكّر بوزنا، طز فيك، على الحديدة: مفلس
جلعوط: قليل الشّأن، جرذونا: الجرذ، جوّه: الدّاخل، برّه: الخارج
توظيف معجم الكلمات البذيئة بكثرة:
قحبة، عاهرة، زانية، لواط، يتلاوطا، يؤجر مؤخرته.... في حواراته مع حليش وعبدوش أو عند حديثه عن اللصوص وكبار الميناء.
الكلمات البذيئة وظّفت على لسان حليش، عبدوش، خربوط، مفيد، زلقوط، بكثرة (أي أكثر من غيرهم) وذلك لأنهم يتشابهون، فهم جميعهم أولاد لعائلات متفككة ولم يتربوا تربية صحيحة وسليمة. (صفحة 130).
ملاحظات مختلفة:
- المبنى الهرمي في الميناء: قراءة ص168.
العجوز |
رجال العجوز |
رؤساء الفرق |
المسؤولون عن ورديات العمل |
العمّال |
مقارنة بين القرية والمدينة:
القرية: بساطة العيش، فترة شباب وطيش وولدنة، استخدام الجسد فقط ودون تفكير، تنكّر الناس لمفيد بسبب أفعاله وخاصّة قطع ذنب الحمار. فترة الجهل والأمّيّة. فترة العيش في البرية مع الوحوش الحقيقيّة. فترة الحبّ والإعجاب ببراءة دون الوقوع في الزّنى. الخيانة والعلاقات غير الشّرعيّة تمثّلت بالأستاذ شعبان فقط. بالرغم من الفقر وبساطة العيش كان الناس يعتاشون بكرامة ولا يسرقون.
المدينة: صراع البقاء (القوي يأكل الضعيف). السجن والعقوبات. حياة المجون (الزنى والشرب والحشيش). حياة غير طاهرة وكثرة ارتكاب الكبائر والمحرّمات كما كان يُفعل في الميناء (لواط، زنى، حشيش، مؤامرات، خمرة، سرقة أموال العمال واضطهادهم. قتل غير مشروع...). تعلّم القراءة والكتابة وبعض الأمور والأفكار السياسيّة فهمها من تجاربه وعلاقاته مع الناس المفكّرين أمثال برهوم وإبراهيم الشنكل وعبد الجليل والأستاذ ماهر. تعلّم السّرقة لكي يعتاش على حد قوله: "هو لا يسرق هو يغتصب حقّه الّذي سلبه إيّاه الآخرون.
تلخيص أهمّ المراحل والأحداث: